من الواضح الآن أن شبكات التواصل الاجتماعي هي البيئة التي يقضي فيها معظم الأشخاص من مختلف الفئات العمرية أوقاتهم. ومن الواضح لأصحاب الاعمال التجارية كذلك، خصوصا الذين يعتمدون على العالم الرقمي لتسويق منتجاتهم أو خدماتهم، أن الشبكات الاجتماعية عنصر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه. وهي الوسيلة الأمثل للتسويق، وأيضا لبناء علاقة مع العملاء، والعملاء المحتملين. بالاضافة إلى تحسين تلك العلاقة والحفاظ على التواصل المستمر بين الطرفين، وأيضا تقديم المساعدة أو التوضيحات إن لزم الأمر.
ما يخفى على الكثير من أصحاب الاعمال التجارية، الذين يعتمدون على الشبكات الاجتماعية بهدف التسويق، أنه هنالك عدة قواعد يجب احترامها، قواعد لن يفرضها عليك أحد ولن يعاتبك أحد على عدم احترامها، لكنها تبقى قواعد، وعدم احترامها ستظهر تجلياته في النتائج التي تحققها بالاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي. وتلك النتائج لن تكون ايجابية طالما أنها تشمل تخريب سمعة علامتك التجارية، وتظهرك كشخص استغلالي أو غبي أو غير محترم للعملاء وجمهور المتابعين، وما شابه ذلك من الصفات التي إن لحقتك أو لحقت علامتك التجارية فستكون تلك هي بداية النهاية.
لن أعطيك في هذا المقال قائمة من القواعد لحفظها. لكنني سأمنحك ستة أمثلة لما لا يجب عليك أبدا نشره على حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بعلامتك التجارية، وهي كالآتي:
الآراء الخاصة الحساسة:
حسابك الشخصي على تويتر أو فيسبوك سيكون بيئة مناسبة لآرائك الشخصية. خصوصا الحساسة منها، والتي تربطها علاقة بالدين أو السياسة أو باقي الاعتقادات. أما نشرك لها في صفحة علامتك التجارية “بطريقة أو بأخرى” فلن يتسبب سوى في اشعال حوارات غير مرغوب فيها بينك وبين عملائك. أو أكثر من ذلك، إبعادهم عنك بسبب تبنيهم لأفكار واعتقادات مخالفة لما قمت بمشاركته. لذا حاول في كل منشور تقوم بمشاركته على الشبكات الاجتماعية أن تبتعد كل البعد عن المواضيع الحساسة والتي لن تفيد علامتك التجارية في شيء. وتذكر دائما أن المحتوى الذي تنشره على الشبكات الاجتماعية لا يختفي! بل يبقى هنالك دائما ومن المحتمل أن يبقى هنالك إلى الأبد.
المنشورات التي لا تربطك بها أي علاقة:
الكثير من الأشخاص يسمعون عن التسويق الفيروسي (Viral Marketing)، وبالطبع يسمعون أيضا عن النتائج التي يحققها. لا أعلم إذا كان بعلمكم أو ما إذا كنتم تتذكرون حساب “البيضة” على إنستغرام، لمن لا يعرفون عنه شيئا فهو حساب إنستغرام انتشر بشكل فيروسي كبير، وكانت به صورة واحدة وهي صورة لبيضة، أم غريب صحيح؟! ونوعا ما تافه أيضا، لكن لسبب من الأسباب انتشر كالنار في الهشيم واكتسب ملايين المتابعين في وقت قصير جدا. وليس هذا فقط بل إن صاحب الحساب افتتح متجرا إلكترونيا يبيع فيه ملابس طبعت عليها صورة البيضة المشهورة. وسمعت أنه في اليوم الأول حقق مبيعات بقيمة تزيد عن المليون دولار، لست متأكدا تماما من هذه المعلومة لكنها تبدوا حقيقية وممكنة، على العموم، لن أتوغل في التحدث عن التسويق الفيروسي لأن هذا موضوع يستحق مقالات خاصة به، ولا أريدكم أن تعتقدوا بأن حساب البيضة الذي ذكرته سابقا قد حقق ذلك النجاح فقط بعامل الحظ! بل باعتقادي وبرأيي الخاص أن وراء ذلك النجاح استراتيجية تسويق فعالة متقنة التطبيق.
على العموم، ما أود أن أشير إليه هنا هو أن التسويق الفيروسي ونتائجه المغرية يمكن أن تجعل صاحب شركة “سياحية” يقوم بنشر فيديو لشاب يغني أو يقوم بحركة معينة، ولا علاقة لمحتوى الفيديو بموضوع الصفحة، ولا بمجال الشركة أو العلامة التجارية. لكنه مع ذلك قام بنشره فقط لسبب أنه حقق انتشارا فيروسيا في مواقع التواصل الاجتماعي. وشخص آخر يقوم بنشر معلومات عن تجنب الإصابة بجلطة دماغية في صفحته المخصصة لبيع الملابس للشباب! فقط لأنه سمع بأن تلك المعلومات تنتشر بسرعة، وتساهم في انتشار الحساب.. والأمثلة من هذا القبيل كثيرة ونراها بشكل يومي. الأشخاص الذين يقومون بها مع أنهم يعتقدون بأن تصرفهم ذلك يعبر عن ذكائهم ومعرفتهم بالتسويق. إلا أنهم مع كامل الاحترام، لا يربطهم بالتسويق الإلكتروني غير الخير والاحسان، أما غير ذلك فلا أراه. لذا احترم متابعيك واحترم مجال عملك ونوعية نشاطك ولا تقحم ضمن محتوى حساباتك الاجتماعية شيئا لا تربطه أي صلة بموضوع تلك الحسابات.
سلاسل متتالية من المنشورات الترويجية:
النشر المستمر للمنشورات الترويجية التي تطلب خلالها من عملائك شراء منتج ما أو خدمة معينة ليست بفكرة جيدة، وليست هي الطريقة التي ستزيد من نسب مبيعاتك. بل هي تصرف لن يغضب فقط عملائك باعتقادهم أنك استغلالي ولا تريد سوي أن تبيع لهم، بل سيغضب أيضا خوارزمية أو نظام الشبكة الاجتماعية التي تنشر فيها، فكلها مبنية على أساس المساعدة على انتشار المحتوى الترفيهي، والتعليمي، والإخباري. وليس المحتوى الترويجي بالخصوص. لذلك إن كنت من الاشخاص الذين يقومون بهذا التصرف سوف أنصحك بتغيير استراتيجية المحتوى الخاصة بك وإضافة بعض المحتوى الترفيهي أو التعليمي إليها، ومن الأفضل أن تقوم بإعداد استراتيجية مخصصة للتسويق بالمحتوى. وذلك لكي تقوم بنشر مزيد من المحتوى في حسابات علامتك التجارية على الشبكات الجتماعية، وفي نفس الوقت تقوم بالتسويق من خلاله. وبهذا يكون الطرفان معا من الرابحين.
إقرأ أيضا: ما هو التسويق بالمحتوى (Content Marketing)
الأخطاء الفادحة:
كلنا خطائون، لكن هذا لا يعني أننا نرتكب نفس الأخطاء أو على الأقل أخطاء من نفس الدرجة. فمثلا يمكن قبول ارتكاب خطأ كتابي أو إملائي خلال كتابتك لمنشور على فيسبوك أو لتغريدة على تويتر، وهذا أمر عادي طالما أنه خطأ بسيط. فقد قرأت كتبا من أفضل ما تمت كتابته وخلال قرائتي لها أكتشف أخطاء كتابية منسية بين الصفحات. أما إذا كان خطأك خطأ فادحا لم يكن ليرتكبه طفل في سنواته الدراسية الأولى فهنا تضع نفسك وعلامتك التجارية في موقف محرج! وليست هذه الأخطاء لوحدها هي التي ترتكب بل هنالك من يقوم على سبيل المثال بنشر معلومات قام بنسخها من مصدر غير موثوق، واكتشف أن الناس يستغربون من تصديقه لتلك المعلومة رغم أنها باتفاق الجميع خاطئة، وآخرون يتسرعون إلى نشر خبر غير مؤكد مما يسبب لهم في فقدان المصداقية بين أوساط متابعيهم… وغير ذلك من الأخطاء التي يعد ارتكابها أمرا غير مسموح به وله عواقب غير مرغوب فيها.
الردود السلبية والعدائية:
عندما تمشي في الشارع وفجأة يقف شخص ما أمامك ويناديك بالأحمق، ويصرخ قائلا هذا الرجل نصاب! إنه يحاول سرقة أموالكم. فبرأيي لديك كل الحق في الرد عليه بما يلزم. خصوصا وأنك لم تره من قبل وأنت متأكد أنك لا تحاول سرقة مال أحد. لكن إذا تفاجئت بشخص ما ترك تعليقا على أحد المنشورات يصرح فيه بأن منتجك لم يصله، أو أنه وصله منتج مختلف… أو مشكل من هذا القبيل فردك لا يجب أن يحتوي على أي نوع من السلبية أو العدائية تجاه صاحب التعليق. حتى وإن كان كلامه عبارة عن سب وشتم فلا يجب عليك نهائيا أن تنزل إلى مستواه، بل على العكس سوف تقوم برد ثابت وهادئ في محاولة واضحة منك لإصلاح المشكل أو تبيان سوء الفهم. فلا تتخد الموقف على أنه شخصي، بل تعامل معه باحترافية وبدون أي مشاعر مشحونة بالغضب. لأن الشبكات الاجتماعية أعطت الجميع حرية لم تكن لدي الأغلبية في العالم الواقعي وهي التحدث والتعبير أمام أي شخص كيفما كان، لذلك فمتابع صفحتك لن يتردد في سبك وشتمك لأنه اعتقد أن طلبه المتأخر لن يصل أبدا. وردك الرزين والمليئ بالاحترام الذي يوضح أن الطلب تأخر في الوصول لأن شاحنة التوصيل فقدت إحدى عجلاتها في الطريق إليه، وأنك تنوي تعويضه على هذا التأخر بمنحه قسيمة تخفيض خاصة أو هدية مجانية فصدقني ذلك العميل الغاضب سيصبح أكثر ولاء لك ولعلامتك التجارية. ولا تتفاجئ إن وجدته مستقبلا يدافع عنك أو عن علامتك التجارية في أحد التعليقات.
محتوى أشخاص آخرين دون الإشارة إليهم:
آخر مشكل قد ترغب في الوقوع فيه هو كسب أعداء لاسمك التجاري في العالم الرقمي، خصوصا ممن لديهم جمهور يتابعهم كالمشاهير والمؤثرين على الشبكات الاجتماعية، وأسرع طريقة لكسب عداوة هذه الفئة هي بنشرك لمحتوى خاص بهم في حساباتك الاجتماعية، دون منحهم حقوق الملكية أو الإشارة إليهم على أنهم أصحاب المحتوى. لذا فمشاركتك لعمل فني مدهش لأحد الرسامين على سبيل المثال على صفحتك المخصصة لبيع لوازم الرسم. سيكون أمرا جيدا، لكن تأكد من أنك أشرت في المنشور إلى صاحبه الأصلي فإن لم تفعل، فإنك ستثير سخط الرسام صاحب العمل الفني، وصدقني فآخر شخص تود إغضابه هو شخص لديه تأثير على عملائك المستهدفين. خصوصا إن كان صوته مسموعا. لأنه في هذه الحالة يمكن أن تكون لديه قدرة خارقة على ضم علامتك التجارية إلى نادي الشركات المفلسة!
إذا كانت هذه بعض الأشياء الغير مقبول نشرها في حسابات الشبكات الاجتماعية، سواء للعلامات التجارية أو للمؤثرين والمشاهير. ومن الضروري جدا أن تكون لديك استراتيجية محتوى مناسبة لنوعية النشاط، والأهداف التسويقية المراد تحقيها. لأن النشر بدون تخطيط مسبق لن يكون بالفعالية المتوقعة، وسيكون أكثر انفتاحا لارتكاب مثل تلك الأخطاء السابق ذكرها في هذا المقال.